الشيعة لا يكفرون صحابة رسول الله
الشيعة الإمامية لا يكفرون كل صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ويستثنون من هذا التكفير ثلاثة أو خمسة كما يزعم هذا الرجل وكان عليه أن يرجع إلى أقوال علماء الشيعة في بيان رأيهم حول صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم حيث لا يوجد عالم شيعي إمامي إثنا عشري يقول بهذا القول ، فالشيعة موقفهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونظرتهم لهم هو موقف القرآن الكريم منهم ونظرته لهم إن القرآن الكريم يصنّف الصحابة إلى أصناف مختلفة فهو يتكلم عن السابقين الأوّلين والمبايعين تحت الشجرة والمهاجرين المهجّرين عن ديارهم وأموالهم ، وأصحاب الفتح ، إلى غير ذلك من الأصناف المثالية الذين يثني عليهم ويذكرهم بالفضل والفضيلة ، كما يذكر القرآن الكريم في مقابل هؤلاء مجموعات أخرى من الصحابة كالمنافقين المعروفين عند النبي صلى الله عليه وآله وسلّم الواضح نفاقهم عنده وعند المؤمنين وهؤلاء أنزل الله سبحانه وتعالى في حقهم سورة كاملة ذمّهم وفضحهم فيها وهي سورة المنافقون . ومنهم – أي الصحابة – المنافقون المتسترون الذي لا يعرفهم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يقول تعالى عن هؤلاء في سورة التوبة في الآية 101 : { وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرّتين ثمّ يردون إلى عذاب عظيم } .
ومنهم ضعفاء الإيمان الذين إذا سمعوا أي نبأ دنيوي عن تجارة أو غير ذلك يسارعون إلى الخروج من المسجد والرسول الكريم قائمٌ خطيباً على المنبر يقول تعالى في سورة الجمعة الآية 11 : { وإذا رأواْ تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً } .
ومنهم من قال عنه تعالى : { سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم } الفتح : 11 .
ومنهم من قال عنه تعالى : { ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرماً ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء } التوبة : 101 .
ومنهم من قال الله في حقه : { يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهمّوا بما لم ينالوا } التوبة : 74 .
إذاً فالصحابة فيهم المؤمنون الذين مدحهم الله في كتابه وفيهم المنافقون والفاسقون وغيرهم ، وهم مثلهم مثل غيرهم من المسلمين ، والصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وإن كانت شرفاً للمسلم إلاّ أنها لا تعطيه العصمة ولا تكون موجبة للسعادة والدخول إلى الجنة دون أن يمتلك العبد التقوى التي تؤهله إلى نيل السعادة بالدخول إلى الجنة ، ولا يوجد دليل أو نص شرعي يدل على أن الصحابة كلهم عدول وأنه يختم لجميعهم بالسعادة بل إن الدليل خلاف ذلك حيث يروي أهل السنة في صحاحهم روايات دلالتها واضحة في أن من الصحابة من سيغيّر ويبدل ويرتد .
فقد أخرج البخاري عن أبي وائل قال : قال عبد الله : قال النبي صلى الله عليه وسلّم : ( أنا فرطكم على الحوض ، ليرفعن إليّ رجال منكم ، حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني فأقول : أي ربِّ أصحابي ! يقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك ) (1) .
وأخرج أيضاً عن أبي حازم ، قال : سمعت سهل بن سعد يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : ( أنا فرطكم على الحوض ، من ورده شرب منه ، ومن شرب منه لك يظمأ بعده أبداً ، ليرد عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثم يحال بيني وبينهم . قال أبو حازم : فسمعني النعمان بن أبي عياش وأنا أحدثهم هذا فقال : هكذا ________________________
(1) صحيح البخاري ج 9 ص 58 كتاب الفتن ، الباب الأول ، ج 8 ص 148 ، 149 كتاب الرقاق باب في الحوض .
سمعت سهلاً ؟ فقلت : نعم . فقال : وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه ، قال : إنهم منّي ، فيقال : إنك لا تدري ما بدّلوا بعدك ، فأقول : سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي ) (1) .
وأخرج عن أبي هريرة الدوسي أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ( يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلئون على الحوض ، فأقول : يا ربّ أصحابي ! فيقول : إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى ) (2) .
وأخرج عنه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال : (بينما أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلمّ . فقلت : أين ؟ قال : إلى النار والله . قلت : وما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، ثمّ إذا زمرة ، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلمّ ، قلت : أين ؟ قال : إلى النار والله . قلت : ما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى . فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم ) (3) .
وأخرج مالك بن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال لشهداء أحد : ( هؤلاء أشهد عليهم ، فقال أبو بكر الصدّيق : ألسنا يا رسول الله إخوانهم ، أسلمنا كما أسلموا ، وجاهدنا كما جاهدوا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي ……) (4) .
_________________________
(1) صحيح البخاري ج 9 ص 58 .
(2) صحيح البخاري ج 8 ص 150 .
(3) صحيح البخاري ج 8 ص 150 .
(4) الموطأ ص 236 كتاب الجهاد ، باب الشهداء في سبيل الله حديث 995.
وأخيرا وتدليلاً على عدم صحة كلام هذا القائل وكذبه نورد نصاً من رواية ذكرها الشيخ الصدوق عليه الرحمة في كتابه عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص 126 وهذا النص للإمام الثامن من أئمة أهل البيت عليهم السلام علي بن موسى الرضا عليه السلام ومن جملة كلام كتبه إلى المأمون العباسي حيث ذكر الإمام أسماء أحد عشر من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنهم من الذين ساروا ومضوا على منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنهم لم يغيّروا ولم يبدلوا وهم :
(1) سلمان الفارسي ( 2 ) أبو ذر الغفاري ( 3 ) المقداد بن الأسود الكندي ( 4 ) عمّار بن ياسر ( 5 ) حذيفة بن اليمان (6) أبو الهيثم بن التيهان (7 ) سهل بن حنيف ( عبادة بن الصامت (9) أبو أيوب الأنصاري (10) خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين (11) أبو سعيد الخدري .
كما أشار الإمام الرضا عليه السلام إلى أن أمثالهم – أي غير هؤلاء الأحد عشر – من الصحابة لم يبدلوا ولم يغيّروا ومضوا على نهج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حيث قال ..... والذين مضوا على منهاج نبيّهم ولم يغيّروا ، ولم يبدلوا ، مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري ، والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليماني ، وأبي الهيثم بن التيهان ، وسهل بن حنيف وعبادة بن الصامت وأبي أيوب الأنصاري وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، وأبي سعيد الخدري وأمثالهم رضي الله عنهم ورحمة الله عليهم … ) .
فقول الإمام الرضا عليه السلام : ) وأمثالهم ) بعد ذكر هذه الأسماء دليل على أن هناك غير هؤلاء الأحد عشر من الصحابة ممن لم يغيّر ولم يبدّل بعده صلوات الله وسلامه عليه وسلك نهجه إلى أن فارق هذه الحياة انتهجوا نهج النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إلى آخر حياته .
وعليه فكيف يحل لهذا الكاتب أن يكذب وينسب إلى الشيعة أنهم يقولون بارتداد الصحابة جميعهم إلاّ ثلاثة أو أربعة ، ثم أن الشيعة يروون أن بني هاشم جميعهم لم يبايعوا أبا بكر – وأيضا غيرهم من الصحابة – إلا بعد أن اضطر الإمام علي عليه السلام للبيعة فبايعوا معه ، وقالوا بأن الخليفة هو علي بن أبي طالب عليه السلام وأنه إمام الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهؤلاء يعدون بالعشرات بل بالمئات فكيف يقول الشيعة بارتدادهم ، نعم لقد وردت روايات من طرق الشيعة لكن الشيعة لم يأخذوا بنصها ولم يتعمدوا على ظاهرها وأغلب هذه الروايات ضعيف السند وهي قابلة إلى التأويل ولذلك يؤوّلها العلماء من الشيعة ولا يقبلونها على ظاهرها ، ومن المفروض على صاحب الجواب هذا أن يأتي بدليل من أقوال علماء الشيعة تدليلاً على ما ذكر لا أن يرمي الكلام هكذا على عواهنه.
ونأتي هنا بقول لأحد أعلام الشيعة وهو السيد شرف الدين الموسوي أعلى الله مقامه يقول : ( إن من وقف على رأينا في الصحابة علم أنه أوسط الآراء ، إذْ لم نفرّط فيه تفريط الغلاة الذين كفّروهم جميعاً ، ولا أفرطنا إفراط الجمهور الذين وثقوهم أجمعين ، فإن الكاملية ومن كان في الغلو على شاكلتهم قالوا بكفر الصحابة كافة ، وقال أهل السنّة بعدالة كل فرد ممن سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أو رآه من المسلمين مطلقاً واحتجوا بحديث كل من دب أو درج منهم أجمعين أكتعين أبصعين .
أما نحن فإن الصحبة بمجرّدها وإن كانت عندنا فضيلة جليلة لكنها – بما هي ومن حيث هي – غير عاصمة ، فالصحابة كغيرهم من الرجال فيهم العدول ، وهم عظماؤهم وعلماؤهم ، وأولياء هؤلاء ، وفيهم البغاة وفيهم أهل الجرائم من المنافقين ، وفيهم مجهول الحال ،
فنحن نحتج بعدولهم ونتولاهم في الدنيا والآخرة ، أما البغاة على الوصي أخي النبي وسائر أهل الجرائم والعظائم كابن هند وابن النابغة وابن الزقاء وابن عقبة وابن أرطاة وأمثالهم ، فلا كرامة لهم ، ولا وزن لحديثهم ، ومجهول الحال نتوقف فيه حتى نتبيّن أمره
الشيعة الإمامية لا يكفرون كل صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ويستثنون من هذا التكفير ثلاثة أو خمسة كما يزعم هذا الرجل وكان عليه أن يرجع إلى أقوال علماء الشيعة في بيان رأيهم حول صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم حيث لا يوجد عالم شيعي إمامي إثنا عشري يقول بهذا القول ، فالشيعة موقفهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونظرتهم لهم هو موقف القرآن الكريم منهم ونظرته لهم إن القرآن الكريم يصنّف الصحابة إلى أصناف مختلفة فهو يتكلم عن السابقين الأوّلين والمبايعين تحت الشجرة والمهاجرين المهجّرين عن ديارهم وأموالهم ، وأصحاب الفتح ، إلى غير ذلك من الأصناف المثالية الذين يثني عليهم ويذكرهم بالفضل والفضيلة ، كما يذكر القرآن الكريم في مقابل هؤلاء مجموعات أخرى من الصحابة كالمنافقين المعروفين عند النبي صلى الله عليه وآله وسلّم الواضح نفاقهم عنده وعند المؤمنين وهؤلاء أنزل الله سبحانه وتعالى في حقهم سورة كاملة ذمّهم وفضحهم فيها وهي سورة المنافقون . ومنهم – أي الصحابة – المنافقون المتسترون الذي لا يعرفهم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يقول تعالى عن هؤلاء في سورة التوبة في الآية 101 : { وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرّتين ثمّ يردون إلى عذاب عظيم } .
ومنهم ضعفاء الإيمان الذين إذا سمعوا أي نبأ دنيوي عن تجارة أو غير ذلك يسارعون إلى الخروج من المسجد والرسول الكريم قائمٌ خطيباً على المنبر يقول تعالى في سورة الجمعة الآية 11 : { وإذا رأواْ تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً } .
ومنهم من قال عنه تعالى : { سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم } الفتح : 11 .
ومنهم من قال عنه تعالى : { ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرماً ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء } التوبة : 101 .
ومنهم من قال الله في حقه : { يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهمّوا بما لم ينالوا } التوبة : 74 .
إذاً فالصحابة فيهم المؤمنون الذين مدحهم الله في كتابه وفيهم المنافقون والفاسقون وغيرهم ، وهم مثلهم مثل غيرهم من المسلمين ، والصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وإن كانت شرفاً للمسلم إلاّ أنها لا تعطيه العصمة ولا تكون موجبة للسعادة والدخول إلى الجنة دون أن يمتلك العبد التقوى التي تؤهله إلى نيل السعادة بالدخول إلى الجنة ، ولا يوجد دليل أو نص شرعي يدل على أن الصحابة كلهم عدول وأنه يختم لجميعهم بالسعادة بل إن الدليل خلاف ذلك حيث يروي أهل السنة في صحاحهم روايات دلالتها واضحة في أن من الصحابة من سيغيّر ويبدل ويرتد .
فقد أخرج البخاري عن أبي وائل قال : قال عبد الله : قال النبي صلى الله عليه وسلّم : ( أنا فرطكم على الحوض ، ليرفعن إليّ رجال منكم ، حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني فأقول : أي ربِّ أصحابي ! يقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك ) (1) .
وأخرج أيضاً عن أبي حازم ، قال : سمعت سهل بن سعد يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : ( أنا فرطكم على الحوض ، من ورده شرب منه ، ومن شرب منه لك يظمأ بعده أبداً ، ليرد عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثم يحال بيني وبينهم . قال أبو حازم : فسمعني النعمان بن أبي عياش وأنا أحدثهم هذا فقال : هكذا ________________________
(1) صحيح البخاري ج 9 ص 58 كتاب الفتن ، الباب الأول ، ج 8 ص 148 ، 149 كتاب الرقاق باب في الحوض .
سمعت سهلاً ؟ فقلت : نعم . فقال : وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه ، قال : إنهم منّي ، فيقال : إنك لا تدري ما بدّلوا بعدك ، فأقول : سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي ) (1) .
وأخرج عن أبي هريرة الدوسي أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ( يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلئون على الحوض ، فأقول : يا ربّ أصحابي ! فيقول : إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى ) (2) .
وأخرج عنه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال : (بينما أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلمّ . فقلت : أين ؟ قال : إلى النار والله . قلت : وما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، ثمّ إذا زمرة ، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلمّ ، قلت : أين ؟ قال : إلى النار والله . قلت : ما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى . فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم ) (3) .
وأخرج مالك بن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال لشهداء أحد : ( هؤلاء أشهد عليهم ، فقال أبو بكر الصدّيق : ألسنا يا رسول الله إخوانهم ، أسلمنا كما أسلموا ، وجاهدنا كما جاهدوا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي ……) (4) .
_________________________
(1) صحيح البخاري ج 9 ص 58 .
(2) صحيح البخاري ج 8 ص 150 .
(3) صحيح البخاري ج 8 ص 150 .
(4) الموطأ ص 236 كتاب الجهاد ، باب الشهداء في سبيل الله حديث 995.
وأخيرا وتدليلاً على عدم صحة كلام هذا القائل وكذبه نورد نصاً من رواية ذكرها الشيخ الصدوق عليه الرحمة في كتابه عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص 126 وهذا النص للإمام الثامن من أئمة أهل البيت عليهم السلام علي بن موسى الرضا عليه السلام ومن جملة كلام كتبه إلى المأمون العباسي حيث ذكر الإمام أسماء أحد عشر من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنهم من الذين ساروا ومضوا على منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنهم لم يغيّروا ولم يبدلوا وهم :
(1) سلمان الفارسي ( 2 ) أبو ذر الغفاري ( 3 ) المقداد بن الأسود الكندي ( 4 ) عمّار بن ياسر ( 5 ) حذيفة بن اليمان (6) أبو الهيثم بن التيهان (7 ) سهل بن حنيف ( عبادة بن الصامت (9) أبو أيوب الأنصاري (10) خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين (11) أبو سعيد الخدري .
كما أشار الإمام الرضا عليه السلام إلى أن أمثالهم – أي غير هؤلاء الأحد عشر – من الصحابة لم يبدلوا ولم يغيّروا ومضوا على نهج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حيث قال ..... والذين مضوا على منهاج نبيّهم ولم يغيّروا ، ولم يبدلوا ، مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري ، والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليماني ، وأبي الهيثم بن التيهان ، وسهل بن حنيف وعبادة بن الصامت وأبي أيوب الأنصاري وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، وأبي سعيد الخدري وأمثالهم رضي الله عنهم ورحمة الله عليهم … ) .
فقول الإمام الرضا عليه السلام : ) وأمثالهم ) بعد ذكر هذه الأسماء دليل على أن هناك غير هؤلاء الأحد عشر من الصحابة ممن لم يغيّر ولم يبدّل بعده صلوات الله وسلامه عليه وسلك نهجه إلى أن فارق هذه الحياة انتهجوا نهج النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إلى آخر حياته .
وعليه فكيف يحل لهذا الكاتب أن يكذب وينسب إلى الشيعة أنهم يقولون بارتداد الصحابة جميعهم إلاّ ثلاثة أو أربعة ، ثم أن الشيعة يروون أن بني هاشم جميعهم لم يبايعوا أبا بكر – وأيضا غيرهم من الصحابة – إلا بعد أن اضطر الإمام علي عليه السلام للبيعة فبايعوا معه ، وقالوا بأن الخليفة هو علي بن أبي طالب عليه السلام وأنه إمام الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهؤلاء يعدون بالعشرات بل بالمئات فكيف يقول الشيعة بارتدادهم ، نعم لقد وردت روايات من طرق الشيعة لكن الشيعة لم يأخذوا بنصها ولم يتعمدوا على ظاهرها وأغلب هذه الروايات ضعيف السند وهي قابلة إلى التأويل ولذلك يؤوّلها العلماء من الشيعة ولا يقبلونها على ظاهرها ، ومن المفروض على صاحب الجواب هذا أن يأتي بدليل من أقوال علماء الشيعة تدليلاً على ما ذكر لا أن يرمي الكلام هكذا على عواهنه.
ونأتي هنا بقول لأحد أعلام الشيعة وهو السيد شرف الدين الموسوي أعلى الله مقامه يقول : ( إن من وقف على رأينا في الصحابة علم أنه أوسط الآراء ، إذْ لم نفرّط فيه تفريط الغلاة الذين كفّروهم جميعاً ، ولا أفرطنا إفراط الجمهور الذين وثقوهم أجمعين ، فإن الكاملية ومن كان في الغلو على شاكلتهم قالوا بكفر الصحابة كافة ، وقال أهل السنّة بعدالة كل فرد ممن سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أو رآه من المسلمين مطلقاً واحتجوا بحديث كل من دب أو درج منهم أجمعين أكتعين أبصعين .
أما نحن فإن الصحبة بمجرّدها وإن كانت عندنا فضيلة جليلة لكنها – بما هي ومن حيث هي – غير عاصمة ، فالصحابة كغيرهم من الرجال فيهم العدول ، وهم عظماؤهم وعلماؤهم ، وأولياء هؤلاء ، وفيهم البغاة وفيهم أهل الجرائم من المنافقين ، وفيهم مجهول الحال ،
فنحن نحتج بعدولهم ونتولاهم في الدنيا والآخرة ، أما البغاة على الوصي أخي النبي وسائر أهل الجرائم والعظائم كابن هند وابن النابغة وابن الزقاء وابن عقبة وابن أرطاة وأمثالهم ، فلا كرامة لهم ، ولا وزن لحديثهم ، ومجهول الحال نتوقف فيه حتى نتبيّن أمره