يعتقد الشيعة الاماميون بأن التقية من تعاليم المذهب السامية، ويستدلون على ذلك من آيات القرآن الكريم والاحاديث الشريفة المروية
عن أئمتهم (عليهم السلام)، فمن القرآن، قوله تعالى: ((من كفر بالله من بعد ايمانه الاّ من اكره وقلبه مطمئن بالايمان)). ( 1 )
فالمستفاد من هذه الآية المباركة جواز اظهار الكفر باللسان، مع حفظ الايمان الباطني، كما فعل عمار بن ياسر ذلك. ( 2 )
ويقول في آية أخرى: ((لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة)) ( 3 ).
فهذه الآية الكريمة تدلّ أيضاً على جواز اتخاذ الكافرين أولياء في حالة التقية وشرائطها.
وهذه الآيات وان كانت في مورد التقية قبال الكفار، ولكنها تدلّ بالأولوية القطعية على جواز التقية مع المسلمين، فان جواز قول كلمة الكفر باللسان امام الكافرين يدل بالأولوية على جواز القيام ببعض
____________
1 ـ سورة النحل / 106.
2 ـ الدّر المنثور، ج5، 170، ط، دار الفكر.
3 ـ آل عمران / 28.
----------------
الأعمال كالوضوء والصلوة طبقاً لطريقة المذاهب المخالفة، من أجل حفظ النفس.
ومسألة التقيّة غير خاصة بالشيعة، واليك بعض تعبيرات أهل السنّة في هذا المجال.
نُقِلَ عن الحسن، إن التقية جائزة للمؤمن الى يوم القيامة الاّ في قتل النفس المؤمنة ( 1 ).
وروي عن الشافعي انه جوّز التقية في قبال المسلمين كما هو الحال مع الكفار لحفظ النفس ( 2 ).
ويقول الفخر الرازي بتجويز التقية لحفظ المال (على الأصح) كما تجوز لحفظ النفس ( 3 ).
وعلى هذا فليست التقية من مبتدعات الشيعة، بل هي عقيدة أخذوها من القرآن الكريم ومن تعليمات أئمتهم المعصومين (عليهم السلام).
____________
1 ـ التفسير الكبير، ج4، الجزء 8، ص13، دار احياء التراث العربي بيروت.
2 ـ التفسير الكبير، ج4، الجزء 8، ص13، دار احياء التراث العربي بيروت.
3 ـ التفسير الكبير، ج4، الجزء 8، ص13، دار احياء التراث العربي بيروت.
--------------
ولذلك، فليس صحيحاً ما قيل من أن التقية مكرٌ وخديعة وتلّون، أو كما قال بعض المغرضين والجهّال بأن التقية نوعٌ من النفاق، فان النفاق عبارة عن اظهار الشخص الإيمان وإبطان الكفر، واما التقية فهي بالعكس، أي يتظاهر بما يخالف دينه ومذهبه ويبطن الدين والمذهب في قلبه ويلتزم به.