أنّ الإمامة ليست مجرد منصب ظاهري للسلطة والحكومة، وإنما هي منصب روحي ومعنوي رفيع؛ والإمام يتبنّى هداية الناس في أمور دينهم ودنياهم فضلاً عن قيامه بأمور الحكم والإدارة، وحفظ الشريعة من أي تلاعب وانحراف، ليحقق الأهداف التي بعث من أجلها النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).
وهذا المنصب الرفيع أعطاه الله تعالى لخليله إبراهيم بعد أن طوى مرحلة النبوة والرسالة واجتاز العديد من الابتلاءات، وقد سأل الله أن يهبه لبعض ذريته، فرُفض الطلب عن بعضهم لأنه منصب لا يناله الظالمون منهم: )وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلمات فأتمهنّ قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريّتي قال لا ينال عهدي الظالمين} [البقرة/124].
ومن الطبيعي ألاّ يختزل عهد رباني كهذا بالحكم والسلطة الظاهرتين فحسب، وإذا لم تقسّر الإمامة بالصورة التي ذكرنا، فلن يكون للآية أعلاه مفهوم واضح.
أنّ أولي العزم من الأنبياء كان لهم منصب الإمامة والزعامة المعنوية والمادية والظاهرية والباطنية على الناس، لاسيما النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث أعطي منصب الإمامة الربانية منذ بداية نبوّته، ولم تقتصر نبوته على إبلاغ التعاليم الإلهية بل كان إماماً لهم أيضاً.
إنّنا نعتقد أنّ خط الإمامة بعد النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) استمر في المعصومين من ذرّيته.
ويتّضح بلحاظ ما ذكرنا من تعريف للإمامة أنّ بلوغ هذا المقام يتوقّف على شروط مشدّدة، من حيث التقوى (التقوى إلى حدّ العصمة من الذنب)، ومن حيث العلم والإحاطة بجميع المعارف والتعاليم الدينية ومعرفة الإنسان وحاجاته في كل عصر ومكان.