تساءلتُ: هل يمكن أن يكون هناك مؤمنون وأمهم ليست مؤمنة؟
أسرعت الإجابة الواضحة: نعم يمكن ذلك..
تساءلتُ: هل يمكن أن يكون هناك مؤمنون وأمهم تحارب خطَّ الإيمان؟
أسرعت الإجابة ببساطة: ولم لا يمكن ذلك..
تساءلتُ ثالثةً: إذًا فأن تكون امرأةٌ أمًّا للمؤمنين ليس دليلاً على صلاحِها وإيمانها.. فما هو المدلول الحقيقي لعنوان أمِّ المؤمنين الذي أطلق على زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
أخذتني تأمُّلاتي إلى عناوين أخرى يتراءى للناس أنها عناوين تشريفية، في حين أنها ليست كذلك، بل هي عناوين تعبِّر عن موقع مسؤولية وتكليف، لا موقع الرُّتبيَّة والتشريف.. كعنوان (مدير الشركة)، فكون الشخص مديراً ليس دليلاً كافياً على أمانته واستقامته في خدمة مؤسَّسته، بل يمكن أن يكون المدير أكثر فساداً من أيِّ موظَّف عاديٍّ يعمل تحت إدارته.. ولكنَّ الإدارة سمةٌ تُعطيه بُعدين:
1 ـ بُعد الموقع الوظيفي: حيث الإدارة هي وظيفة ومسؤولية.
2 ـ بُعد التمييز له فيما يرتبط بالاستقامة والانحراف: حيث المدير إذا استقام فاستقامته ذات تأثير كبير؛ ولذلك له امتياز خاص بتبع استقامته، وإذا انحرف فانحرافه ذو تأثير كبير؛ ولذلك يستحق العقوبة بأشد من غيره.
عُدتُ لأطبِّق المثال على موضوع (أمّ المؤمنين)، فوجدتُ أنَّ الفارق المهم بين الموضوع والمثال هو أنَّ المدير لا يصير مديراً إلاَّ بعد ثبوت جدارةٍ مُعيَّنة تؤهِّلُه لكرسيِّ الإدارة، في حين أمُّ المؤمنين تصير كذلك من غير أن تجتاز امتحاناً مُعيَّناً.. إلاَّ أنَّني وجدتُ البُعدين المذكورين كما هما في الموضوع (أمّ المؤمنين)، وذلك بالتوضيح التالي:
في البُعد الأول: وجدت أمَّ المؤمنين تتحمَّل مسؤوليات عديدة:
1 ـ الاستقامة على جادَّة الإيمان؛ لأنَّها أولى من أبنائها بالتزام الإيمان..
2 ـ ترشيد الأبناء من أجل الاستقامة.. كما كانت تفعل أمُّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ بإرشاد الناس لأن يكونوا مع علي عليه السلام.
في البُعد الثاني: وجدتُ أمَّ المؤمنين متميِّزةً بقوله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً. وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا) الأحزاب/ 30 ـ 31
فالعذاب الموعود به ضعفان، والثواب المذكور ضعفان أيضاً..
ووجدتُ القرآن الكريم يربط امتياز (أمِّ المؤمنين) بالاستقامة: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ...) الأحزاب/ 32
فإذ لم تتَّقِ الله فليس لها أيُّ ميزة ترفعها على سائر النساء..
إذاً.. أن تكون المرأة أمَّ المؤمنين، فهذا يزيد من مسؤوليتها، ويرفع من قيمة استقامتها، كما يضاعف لها العذاب على فرض انحرافها.. وليست القضية قضية وسام شرف تتباهى به زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو ترفعه هي أو شيعتها لافتةً إعلامية لإغلاق أفواه منتقديها على فرض أنها انحرفت عن مسار الإيمان..
ولكنَّني وقفتُ عند (مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ) لأتساءل:
ما هو المقصود بالفاحشة؟
أليس قد قام الدليل العقلي على استحالة أن يصدر من إحدى نساء النبي ما يجلب الطعن في شرف بيت النبي صلى الله عليه وآله؛ لأن ذلك يوجب تنفُّر الناس عنه؛ فما هي الفاحشة التي تتحدَّث عنها الآية.. هل يكون للفاحشة معنى آخر أراده الله تعالى؟
رجعتُ إلى روايات أهل البيت عليهم السلام.. وإذا بي أفوز بجوهرة أخرى من درر الروايات، وذلك حين قرأت في تفسير القمي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال في تفسير الفاحشة في هذه الآية: الفاحشة الخروج بالسيف.
لقد تكاملت الصورة عندي، وأصبحت أفهم (أمَّ المؤمنين) بحجمه الحقيقي..
فقد أراد الله من هذا العنوان أن يطالب زوجات النبي بالمزيد من الالتزام والانضباط..
إلاَّ أنَّ الخارجين مع أمِّ المؤمنين بالسيف على إمام زمانها وزمانهم، أرادوا أن يصوِّروا (أمَّ المؤمنين) عنواناً تشريفياً، فنادوا بتكميم الأفواه، وحفظ حرمة العنوان حتى لو أدَّى مشروعهم إلى إهدار حرمة الإيمان نفسه..
وهكذا اكتشفتُ فرقاً جوهرياً بين خطِّ الهداية وخطِّ الانحراف في هذه القضية..
فخطُّ الهداية اعتنى بالمضمون، ونادى بالمساءلة في ضوء المسؤولية.. وخطُّ الانحراف اهتمَّ بالقشور اللفظية، واعتقد أن الهتاف بالعناوين يغني عن تقييم الحقائق والمضامين..
خطُّ الهداية وضع (إن اتَّقيتُنَّ) شرطاً أساساً لقداسة (أمِّ المؤمنين)..
وخطُّ الانحراف اعتبر (أمَّ المؤمنين) مبرِّراً كافياً لحذف (إن) الشرطية.. فقدَّم قداسةَ أمِّ المؤمنين على قداسة القرآن الكريم..
وإنا لله وإنا إليه راجعون. وسيعلم الذين ظلموا أيَّ مُنقلب ينقلبون..
أسرعت الإجابة الواضحة: نعم يمكن ذلك..
تساءلتُ: هل يمكن أن يكون هناك مؤمنون وأمهم تحارب خطَّ الإيمان؟
أسرعت الإجابة ببساطة: ولم لا يمكن ذلك..
تساءلتُ ثالثةً: إذًا فأن تكون امرأةٌ أمًّا للمؤمنين ليس دليلاً على صلاحِها وإيمانها.. فما هو المدلول الحقيقي لعنوان أمِّ المؤمنين الذي أطلق على زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
أخذتني تأمُّلاتي إلى عناوين أخرى يتراءى للناس أنها عناوين تشريفية، في حين أنها ليست كذلك، بل هي عناوين تعبِّر عن موقع مسؤولية وتكليف، لا موقع الرُّتبيَّة والتشريف.. كعنوان (مدير الشركة)، فكون الشخص مديراً ليس دليلاً كافياً على أمانته واستقامته في خدمة مؤسَّسته، بل يمكن أن يكون المدير أكثر فساداً من أيِّ موظَّف عاديٍّ يعمل تحت إدارته.. ولكنَّ الإدارة سمةٌ تُعطيه بُعدين:
1 ـ بُعد الموقع الوظيفي: حيث الإدارة هي وظيفة ومسؤولية.
2 ـ بُعد التمييز له فيما يرتبط بالاستقامة والانحراف: حيث المدير إذا استقام فاستقامته ذات تأثير كبير؛ ولذلك له امتياز خاص بتبع استقامته، وإذا انحرف فانحرافه ذو تأثير كبير؛ ولذلك يستحق العقوبة بأشد من غيره.
عُدتُ لأطبِّق المثال على موضوع (أمّ المؤمنين)، فوجدتُ أنَّ الفارق المهم بين الموضوع والمثال هو أنَّ المدير لا يصير مديراً إلاَّ بعد ثبوت جدارةٍ مُعيَّنة تؤهِّلُه لكرسيِّ الإدارة، في حين أمُّ المؤمنين تصير كذلك من غير أن تجتاز امتحاناً مُعيَّناً.. إلاَّ أنَّني وجدتُ البُعدين المذكورين كما هما في الموضوع (أمّ المؤمنين)، وذلك بالتوضيح التالي:
في البُعد الأول: وجدت أمَّ المؤمنين تتحمَّل مسؤوليات عديدة:
1 ـ الاستقامة على جادَّة الإيمان؛ لأنَّها أولى من أبنائها بالتزام الإيمان..
2 ـ ترشيد الأبناء من أجل الاستقامة.. كما كانت تفعل أمُّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ بإرشاد الناس لأن يكونوا مع علي عليه السلام.
في البُعد الثاني: وجدتُ أمَّ المؤمنين متميِّزةً بقوله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً. وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا) الأحزاب/ 30 ـ 31
فالعذاب الموعود به ضعفان، والثواب المذكور ضعفان أيضاً..
ووجدتُ القرآن الكريم يربط امتياز (أمِّ المؤمنين) بالاستقامة: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ...) الأحزاب/ 32
فإذ لم تتَّقِ الله فليس لها أيُّ ميزة ترفعها على سائر النساء..
إذاً.. أن تكون المرأة أمَّ المؤمنين، فهذا يزيد من مسؤوليتها، ويرفع من قيمة استقامتها، كما يضاعف لها العذاب على فرض انحرافها.. وليست القضية قضية وسام شرف تتباهى به زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو ترفعه هي أو شيعتها لافتةً إعلامية لإغلاق أفواه منتقديها على فرض أنها انحرفت عن مسار الإيمان..
ولكنَّني وقفتُ عند (مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ) لأتساءل:
ما هو المقصود بالفاحشة؟
أليس قد قام الدليل العقلي على استحالة أن يصدر من إحدى نساء النبي ما يجلب الطعن في شرف بيت النبي صلى الله عليه وآله؛ لأن ذلك يوجب تنفُّر الناس عنه؛ فما هي الفاحشة التي تتحدَّث عنها الآية.. هل يكون للفاحشة معنى آخر أراده الله تعالى؟
رجعتُ إلى روايات أهل البيت عليهم السلام.. وإذا بي أفوز بجوهرة أخرى من درر الروايات، وذلك حين قرأت في تفسير القمي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال في تفسير الفاحشة في هذه الآية: الفاحشة الخروج بالسيف.
لقد تكاملت الصورة عندي، وأصبحت أفهم (أمَّ المؤمنين) بحجمه الحقيقي..
فقد أراد الله من هذا العنوان أن يطالب زوجات النبي بالمزيد من الالتزام والانضباط..
إلاَّ أنَّ الخارجين مع أمِّ المؤمنين بالسيف على إمام زمانها وزمانهم، أرادوا أن يصوِّروا (أمَّ المؤمنين) عنواناً تشريفياً، فنادوا بتكميم الأفواه، وحفظ حرمة العنوان حتى لو أدَّى مشروعهم إلى إهدار حرمة الإيمان نفسه..
وهكذا اكتشفتُ فرقاً جوهرياً بين خطِّ الهداية وخطِّ الانحراف في هذه القضية..
فخطُّ الهداية اعتنى بالمضمون، ونادى بالمساءلة في ضوء المسؤولية.. وخطُّ الانحراف اهتمَّ بالقشور اللفظية، واعتقد أن الهتاف بالعناوين يغني عن تقييم الحقائق والمضامين..
خطُّ الهداية وضع (إن اتَّقيتُنَّ) شرطاً أساساً لقداسة (أمِّ المؤمنين)..
وخطُّ الانحراف اعتبر (أمَّ المؤمنين) مبرِّراً كافياً لحذف (إن) الشرطية.. فقدَّم قداسةَ أمِّ المؤمنين على قداسة القرآن الكريم..
وإنا لله وإنا إليه راجعون. وسيعلم الذين ظلموا أيَّ مُنقلب ينقلبون..